روائع مختارة | روضة الدعاة | السيرة النبوية | ماذا يقصد بحديث: [طلب العلم فريضة على كل مسلم]؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > السيرة النبوية > ماذا يقصد بحديث: [طلب العلم فريضة على كل مسلم]؟


  ماذا يقصد بحديث: [طلب العلم فريضة على كل مسلم]؟
     عدد مرات المشاهدة: 6694        عدد مرات الإرسال: 1

السؤال.. هل الحديث الذي يقول طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة يقصد العلم الديني فقط؟

أنا طالبة بكلية الطب، فهل الاجتهاد في المذاكرة واجب والاستهتار فيها حرام وسيحاسبني الله عليها وتعتبر المذاكرة من واجب إتقان العمل ولا يجب استخارة الله في إتقان المذاكرة؟
الإجابــة.. بسم الله الرحمن الرحيم.. الأخت الفاضلة / mema حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. فقد أحسنت بهذا السؤال، فإن هذا الحديث يحتاج إلى فهم سليم، وهو حديث ثابت عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه – وقد خرجه ابن ماجة في السنن بلفظ: (طلب العلم فريضة على كل مسلم)، وله طرق عديدة حتى قطع بعض أهل العلم بتواتر هذا الحديث، أي أنه مقطوع بصحته لكثرة أسانيده الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأما عن إجابة سؤالك الكريم فإن العلم المقصود في هذه الحديث خاصة هو (العلم الشرعي) الذي يتعامل به العبد مع ربه، وذلك يشمل جميع أبواب الدين التي يحتاجها المسلم كعقيدته وعباداته من صلاة وصيام ونحوها من العبادات وكمعاملاته التي يحتاجها من البيع والشراء والزواج ونحوها، وكذلك أيضًا الآداب التي لابد أن يتحلى بها، فكل ذلك يدخل في هذا المعنى.

والذي يشرح لك هذا المعنى أن تعلمي أن العلم علمان: فعلم يتعلق بأمور الدين والإيمان، وهو العلم الشرعي، وعلم آخر هو العلم الدنيوي وذلك مثل عامة العلوم الدنيوية كعلم الطب والهندسة والذرة وغيرها من العلوم النافعة التي يحتاجها الإنسان.

فهذا التقسيم أيضًا فيه تفصيل، فإن العلم الدنيوي منه مباح تحصيله ولكن أيضًا يجب على الأمة الإسلامية أن تحصل من هذه العلوم الدنيوية ما تقوم بها كفايتها، فلابد للمسلمين أن يقوموا بقدر الكفاية من سائر العلوم الدنيوية سواء كانت من العلوم التي تدخل في الطب والهندسة مثلاً أو العلوم الأخرى التي يترقون بها كعلم الذرة والفلك وغيرها من الأمور النافعة التي يحتاجونها، فهذه علوم وإن كانت دنيوية مباحة في أصلها إلا أنه يجب تحصيل القدر الكافي الذي يكفي الأمة منها، وهذا مؤصلٌ بأن هذه العلوم فرضًا على الكفاية وليست فرضًا على الأعيان، وهذا يشرح لك بعبارة أخرى وهي:

أن العلم أيضًا ينقسم إلى قسمين: علم يفرض على الأعيان – أي على كل مسلم ومسلمة – وعلمٌ يُفرض على عموم الأمة، فالذي يُفرض على عموم الأمة هو ما أشرنا إليه من العلوم الدنيوية بحيث إذا قام به بعضهم سقط عن الآخرين.

ومن هذا ما أنت فيه من دراسة الطب ونحوه، فإنه لا يجب على جميع الناس أن يدرسوا هذه العلوم بعينها وإنما يجب تحصيل الكفاية من ذلك.

وأما العلم العيني، أي الذي يتعين على المسلم بعينه أن يقوم به وذلك مثلاً كمعرفة ما يصلح صلاته إذا وقع منه سهو مثلاً، أو كعلم أحكام الطهارة التي لا غنى للمسلم عن معرفتها لأن الصلاة لا تصح إلا بها، أو كعلم المرأة أحكام الحيض ومتى تطهر وكيف تعرف الطهر من عدمه كمعرفة غسل الجنابة والحيض..هذه من العلوم العينية التي يجب تحصيها على كل امرأة أو كل رجل بحسب حالهم، وهذا يتم بأي صورة مشروعة سواء كان ذلك بسؤال أهل العلم، كما قال تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، أو كان بالقدرة على التحصيل بالنفس.

إذا علم هذا فإن مذاكرتك دروسك هي ليست من الواجبات الشرعية ولكنها من الأمور التي لابد أن تحرصي عليها، فدراستك الآن للطب أصلاً ليست من الواجبات، بحيث لا تأثمين إن تركتها، ولكن ينبغي للإنسان أن يحصل مصالحه، وطالما أنك تدرسين هذا الجانب فلا ينبغي أن تفرطي فيه وأن تضيعي وقتك وأن تهدري عمرك فيما لا طائل من ورائه، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍّ خيرٍ احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) أخرجه مسلم في صحيحه.

ولا يجب عليك قدر معين من المذاكرة بعينه بل لا يجب عليك هذا التخصص أصلاً ولكن ينبغي إن بدأت في أمر أن تحرصي على تحصيل النفع فيه وأن تنوي بذلك نفع المسلمين، فقد قال - صلوات الله وسلامه عليه -: (إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي به ومنبله) والحديث خرجه أبو داود في السنن.

فبهذا يحصل لك المقصود من ذلك، واجعلي يا أختي نيتك نفع المسلمين وكذلك كوني داعية إلى الله جل وعلا بين أخواتك وبين زميلاتك، وكوني مثالاً للفتاة المؤمنة الحريصة على حجابها والحريصة على توقي الاختلاط بالرجال الأجانب، باذلة النصح لنفسك ولأخواتك، فبهذا تسيرين السير الكريم بإذنِ الله.

ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد، وأن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك من عباد الله الصالحين، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يزيدك من فضله وأن يفتح عليك من بركاته ورحماته، وأن يرفع قدرك في الدنيا والآخرة {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}. وأهلاً وسهلاً بك وبمراسلتك إلى الشبكة الإسلامية التي ترحب بكل رسالة تصلها منك.
وبالله التوفيق.

الكاتب: أ/ الهنداوي

المصدر: موقع إسلام ويب